الاثنين، 29 أكتوبر 2012

أخلاقيات تصميم مواقع الإنترنت لضمان وصول الجميع



أخلاقيات تصميم مواقع الإنترنت لضمان وصول الجميع

د. جميل احمد إطميزي.
كلية فلسطين الأهلية الجامعية، بيت لحم




مقال أكاديمي "أخلاقيات تصميم مواقع الإنترنت لضمان وصول الجميع"، نشر في ملحق صحيفة القدس الرقمي، السنة 1، 
العدد 10، ص 4، 29/10/2012م، الرابط:   www.alqudsalraqmi.ps/flipper/10  
 



درجت العادة في تصميم مواقع الويب (الإنترنت) في العالم العربي على اعتبار الشخص المتصفح هو شخص يمتلك احدث البرمجيات، واحدث الأجهزة، وعلى اعتبار ان المتصفح لا يعاني أي إعاقة. والمحزن ان مواقع مرموقة مثل مواقع المؤسسات الحكومية والجامعات ... وغيرها لا يخطر ببال مصمميها ان هناك قطاع من البشر يعانون من إعاقات صحية أو اقتصادية. وفيه هذه المقالة سنسلط الضوء على قضايا أخلاقيات تصميم مواقع الإنترنت من زاوية ضمان وصول الجميع. وهي دعوة لأقسام تكنولوجيا المعلومات والحاسوب في الجامعات لتدريس أخلاقيات تصميم مواقع الإنترنت.
والحقيقة ان مسألة الوصول إلى الويب ليس قضية تكنولوجية وإنما هي مشكلة ثقافية، فموقع الانترنت يمكن الوصول إليه من أي شخص - بغض النظر عن قدراته أو إعاقته - وذلك باستخدام أي نوع من أنواع تكنولوجيا تصفح الانترنت لزيارة الموقع والوصول لأي محتوى فيه، إذا كانت لدي المستخدم القدرة على التفاعل مع الموقع إذا لزم الأمر، فتصميم الوقع إذا خطط له من البداية بشكل سليم، فان موقع الانترنت يمكن أن يكون فعال وميسر وجميل.
ورغم ان تقنية الحاسوب والإنترنت قد حلت مشاكل كثير من المعوقين، الا انه اذا لم يأخذ هؤلاء الشريحة من البشر في الحسبان، فانهم سيعانون اكثر باعتبار ان كل شيء اصبح يتحول الى إلكتروني. وما دام ان "قوة الإنترنت هو في عالميتها وفي إمكانية الوصول من قبل الجميع بغض النظر عن الإعاقة" كما يقول مدير W3C ومخترع شبكة ويب كان لا بد أن نعلم انه لا يكفي تصميم موقع دون مراعاة شريحة المعوقين.
الإعاقات الحاسوبية والإنترنتية:
موضوع الإعاقة محل البحث هي الإعاقة التي تحد من قدرة المستخدم على الوصول للإنترنت وبالتالي فان الذي يعاني من عرج أو سمنة شديدة مثلا لا يعد معاقا من وجهة نظر الوصول الى الإنترنت. وبخلاف من يظن ان موضوع المعاقين امر بسيطا، فاننا نورد دوائر تتأثر بالإعاقات الحاسوبية والإنترنتية، وهي:
§     المعاقين إعاقة دائمة ممن لا يستطيعون الولوج والتعامل مع الإنترنت بسهولة.
§     المعاقين إعاقة مؤقته من خلال الإصابة، أو المرض أو الشيخوخة. وفي الواقع، حيث يتعرض اغلبنا لفترة عجز مؤقت نتيجة كسر ذراعه أو تعرض لجلطة دماغية أو فقد السمع، أو تكرار الإجهاد وبالتالي تجعل الشخص معاقا.
§     الأصحاء الذين يعانون من ظروف تجعلهم معاقين ظرفيا، فإذا توقفت الفارة أو لوحة المفاتيح عن الأداء يصبح المستخدم وكانه معاق يدويا، وكذلك اذا قطعت الكهرباء يصبح المستخدم وكانه معاق بصريا، وكذلك لأجل الاستماع الى الوسائط الصوتية في بيئة صاخبة، يصبح المستخدم وكانه معاق سمعيا ... إلخ.
§     الأصحاء الذين يمتلكون أجهزة قديمة، أو برمجيات غير محدثة، أو يعانون من سرعة إنترنت منخفضة فانهم بهذا المعنى معاقين ويتمنون ان تصمم المواقع بطريقة أخرى.
§     الأصحاء الذين على اتصال مباشر مع المعوقين السابقين وهم يزيدون – حسب بعض الدراسات – عن نصف سكان العالم، ذلك ان كل أفراد العائلة سيعانون اذا لم يتمكن المعاق من أي نوع من الوصول الى الإنترنت ومثله المعلم والمحاضر والشركة ... إلخ، لان المجتمع يتحول الى رقمي في كل المجالات.
المعايير
الحقيقة انه يوجد عددا من المعايير وضعت لكي يتأكد مصمم الموقع من ان موقعه يحقق سهولة الوصول للجميع منها مثلا مبادرة تسهيل الوصول لاتحاد شبكة ويب العالمية على الإنترنت (The World Wide Web Consortium’s Web Accessibility Initiative)، ومعايير الوصول للويب لمصممي مواقع هتمل (HTML)، و قانون الأمريكيين المعوقين Act (ADA) والفرع 508 من قانون التأهيل الأمريكي وغيرها...
والظاهر ان العديد من موفري محتوى الويب ولا سيما العرب منهم، غير مدركين لهذه المشكلة، ويعتقد كثير منهم أحيانا خطأ أن المعوقين هم نسبة ضئيلة من السكان، وعندما يواجهون بفكرة جعل صفحات الويب متاحة لولوج المكفوفين مثلا، فان يستغربون وكأنك طلبت منهم صنع فرشاة شعر للأصلع، والصحيح ان المواقع الجادة والرسمية والجامعات والشركات والأحزاب وغيرهم من مصلحتهم العليا جعل مواقعهم في متناول الجميع معاقين إعاقة دائمة أو مؤقتة أو ظرفية أو اقتصادية ام غير معاقين، وبالتالي فان مصلحتهم تحتم عليهم الالتزام بالحد الأدنى من المعايير العالمية.
الحواجز الرقمية التي تحول دون سهولة الوصول
ستبين في الاتي كيف تتأثر بعض الإعاقات من ضعف تصميم المواقع:
§     العمى وضعف البصر: في الأصل، فان شبكة الإنترنت لم تكن محملة بالرسومات، وبالتالي كانت ميسرة جدا لولوج المكفوفين، لكن أصبحت شبكة الإنترنت وسيلة بصرية بشكل كامل، فإذا كان المستخدم لا يرى، فانه لن يستطيع الوصول إلى المحتوى الوارد في الصور ومقاطع الفيديو. والأفراد الضعاف بصريا بعضهم أعمى تماما، وبعضهم يعانون من العمى الليلي، وآخرون يعانون من عمى الألوان. وهناك من يعانون من الإصابة بتحلل الرؤية الذي يحدث لكبار السن عندما يجدون صعوبة في قراءة الطباعة الصغيرة أو الرفيعة.
§     احد الأجهزة المصممة لهؤلاء هو قارئ الشاشة (screen reader)، وهو اسم عام للتكنولوجيا الصوتية التي تنتج وتخرج توليفة صوت أو بطريقة برايل لنص معروض على شاشة الكمبيوتر. ولان قارئات الشاشة لا تفسر الصور على صفحات ويب. ولذلك، فان على مصممي الويب ان يضمنوا نصا يصف الصور أو الروابط. كما يوجد أيضا، مكبرات الشاشة أو العدسات المكبرة، وهذه تكبر النص لمن يعاني من ضعف الإبصار.
§     الصم وضعاف السمع: المشكلة الكبرى التي تصادف هؤلاء على الإنترنت هو مع استخدام الوسائط الصوتية وملفات الفيديو التي تتضمن الصوت، والحل هو في استخدام خدمة (Closed Captioning) أي التعليق أو الشرح في شريط متحرك أسفل الشاشة.
§     التحديات الجسدية: والمقصود ممن يعاني شللا كاملا اتو من يعاني شلل في اليدين، فانه يمكن استعمال عصى مثبته في راسه للنقر على المفاتيح، أو استخدام القدم أو الرأس بديلا للوحة المفاتيح والفارة، ولكن هذا الأمر مرهق، وقد وجدت عدة تطبيقات صممت لمساعدتهم على الوصول الى الإنترنت بشكل أكثر فعالية. مثلا، التطبيقات الصوتية التي تستخدم الأوامر الصوتية.
§     الحرمان الاقتصادي و التكنولوجي: المستخدمين المعوقين من الناحية الاقتصادية غالبا ما يتم نسيانهم لأنه لا ينظر لإعاقتهم مثل إعاقة فاقدي البصر، فعندما يذهب الضرير إلى استخدام الإنترنت، فانه يحتاج إلى معدات خاصة كما أسلفنا، ولكن الولوج في الشبكة من مستخدمين قد يستخدمون أجهزة أو برمجيات قديمة، اتو سرعة إنترنت بطيئة يجعلهم كالمعوقين في هذا المعنى، لذلك، فانه من الضروري على المصمم أن يدرك فكرة ان المستخدمين يمكن أن يكونوا معوقين اقتصاديا.

هناك تعليق واحد: