الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

دور الانترنت في زيادة فعالية التعليم والتعلم الجامعي الفلسطيني



دور الانترنت في زيادة فعالية التعليم والتعلم الجامعي الفلسطيني

د. جميل احمد إطميزي.
كلية فلسطين الأهلية الجامعية، بيت لحم
  


مقال أكاديمي "دور الأنترنت في زيادة فعالية التعليم والتعلم الجامعي الفلسطيني"، نشر في ملحق صحيفة القدس الرقمي على حلقتين، 
العدد 7، 11/7/2012م، ص 4، www.alqudsalraqmi.ps/flipper/7
و العدد 8، 28/8/2012م ص 4، الرابط:  www.alqudsalraqmi.ps/flipper/8   
 


أثرت في هذه المقالة تسليط الضوء على نتائج دراسة حديثة تحت عنوان "دور شبكة الانترنت في زيادة فعالية التعليم والتعلم الجامعي الفلسطيني من وجهة نظر طلبة الجامعات المنتظمة في مدينة بيت لحم"، ونشرت في المؤتمر الدّولي الأول لتقنيات المعلومات والاتصالات في التعليم والتدريب والذي عقد في تونس وذلك خلال الفترة من 7  إلى 10  مايو 2012. وهذه الدراسة قمت بها مع الزميل د. محمد عكة، وسوف اذكر في هذه المقالة الجزء النظري واستكمل الجزء التطبيقي في المقالة اللاحقة.
المقدمة: إن نظام التعليم هو أحد مقومات حياة المجتمعات المعاصرة، والتعليم الجامعي يبحث دائما عن أدوات تَعَلُم جديدة، لتحسين عملية التعلم والتعليم، وقد فتحت الانترنت أدوات متعددة المجال منذ انتشارها في تسعينيات القرن الماضي، ويجمع العلماء المختصون على أن ثورة المعلومات التي ترجمت فيما يسمى بالإنترنت، يعد أهم انجاز تكنولوجي تحقق، حيث استطاع الإنسان أن يلغي المسافات ويختصر الزمن، ويجعل من العالم أشبه بشاشة إلكترونية صغيرة في عصر الامتزاج بين تكنولوجيا الإعلام والمعلومات والثقافة والتكنولوجيا، وأصبح الاتصال إلكترونيا، مما أتاح سرعة الوصول إلى مراكز العلم والمعرفة والمكتبات والإطلاع على الجديد لحظة بلحظة. وإن التغيير السريع في نظم التعليم وأساليبه وتقنياته في الجامعات العالمية ومنها العربية، يفرض على إدارة تلك الجامعات مواكبة تلك التطورات، ورسم الخطط لدمج التقنيات الحديثة في منظومة هذه الجامعات. ومن نافلة القول، التأكيد على أن الجامعات التي تخفق في التكيف مع هذا العصر سيكون مصيرها إلى زوال.
التعليم والانترنت والجامعات: يعتبر مجال التعليم والتدريب من أكثر المجالات تأثرا بتكنولوجيا المعلومات والتي عرفت ثورة في تقنيات الحاسوب والإنترنت والاتصالات خلال العقدين الأخيرين تفوق بكثير ما عرفته البشرية من أدوات تعليمية منذ آدم عليه السلام. فالتعليم في تغير وتطور مستمر منذ بدأ الإنسان باستخدام أدوات الكتابة على الجدر والجلد وجذوع الشجر، مرورا بالطبشورة والورق والحبر، إلى أيامنا حيث تم استخدام الحاسوب والإنترنت والسبورات التفاعلية، ويجري الآن استخدام الهاتف المتنقل في التعليم، وإلى المستقبل الذي سيحوي الغريب والعجيب من الأدوات والتقنيات التي ستستخدم في التعليم.
ولا يمكن إغفال أهمية استخدام الانترنت في تعزيز التعليم عموما والتعليم الجامعي خصوصاً، فالإحصائيات الحالية، وتوقعات المستقبل تشير بوضوح إلى أن الإنترنت تنتشر بقوة، حيث يوجد أكثر من 2,267,233,742 مستخدم في نهاية ديسمبر 2011م. كما وانتشر التعليم الإلكتروني بقوة في جامعات العالم، وانتشر في الجامعات الفلسطينية بنمط التعليم المساند. والتعليم الإلكتروني المطبق في البيئات الأكاديمية (جامعات، ومعاهد، ومؤسسات تعليمية)، يمكن تعريفه "بأنه مظلة تغطي كل أنشطة التعلم والتعليم التي تتم في أي وقت أو أي مكان آو كليهما، على جهاز حاسوب - ومن هو في حكمه - موصول عموما بشبكة".
وقد :"قيل دوام الحال من الحال"، فأية جامعة لا تواكب التغيرات التي تحصل في بيئتها سيكون مصيرها النسيان!، تماما كحال كثير من جامعاتنا العربية، ولا أدل على ذلك من نتائج الجامعات العربية "المخجلة" في التصنيفات الدولية السنوية للجامعات في العالم مثل تصنيف التايمز وشانجهاي وويب ماتريكس.
إن التطور التقني الحاصل في تقنيات الويب وخدماته تفتح للجامعات وللمحاضرين وللطلاب فرصاً متعددة واعدة لكي تُستغل للرفع من كفاءة العملية التعليمية. فلم يعد المحتوى التعليمي هو من تأليف المحاضر والمتخصص، ولم يعد الطالب هو المتلقي، بل أصبح الطالب هو محور العملية التعليمية بلا منازع، وغدا الطالب يؤلف المحتوى التعليمي وينشره ويتشارك مع أقرأنه ويسمع ردودهم ومقترحاتهم، ويبني المحتوى ويعدل الموجود منه ويخصه حسب احتياجاته المعرفية والتي تختلف من متعلم لآخر، كل ذلك بفضل تقنيات الويب من الجيل الثاني والذي وفر أدوات متنوعة، وغالباً مجانية، والمحتوى التعليمي المتوفر بكثرة على الإنترنت سواء من إنتاج الأفراد أو المؤسسات، تعكس سمة من سمات متعلمي هذا العصر، وهي سمة القوة المعرفية الناتجة من وفرة المعلومات وتنوعها.
كما إن المتعلم تتغير طباعه وميوله التعليمية باستمرار، وما كان مطبقاً قبل عقد من الزمن، أصبح غير ملائم اليوم، وهذه التغيرات الحاصلة في التركيبة النفسية والمعرفية لمتعلمي اليوم توجب على التربويين وصناع القرار في أي مؤسسة تعليمية أن يبادروا إلى تبني استراتيجيات تعليمية وأدوات تعلمية تتناسب وهذا الجيل. وطباع الناس وأمزجتهم تتغير، ولم يعد أبناؤنا يرغبون باستخدام الوسائل التي نستخدمها، وطبقاً لدراسة حديثة فإن مواطني الولايات المتحدة الأمريكية - من عمر 18 فأعلى - يقضون 2.7 ساعة يومياً في استخدام الإنترنت عبر الجوال أو الموبايل، فما بالك ببقية الوسائل! ولدينا من تراثنا قول منسوب لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول فيه: علموا أولادكم غير ما علمتم؛ فأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم.
وهناك اتجاه جديد استحوذ على اهتمام العديد من النقاد وهو تغيير مزاج مستخدمي الإنترنت وطبيعتهم. إن هذا الجيل يأخذ المعلومات بسرعة، سواء صور أو فيديو أو نص من مصادر متعددة بشكل متزامن، وهي وظيفة تسمى "السرعة الخاطفة" حيث ردود الفعل المباشرة والتغذية المرتدة السريعة، وهم يتصلون بوسائل الإعلام بشكل عشوائي "بناء على الطلب"، ويكونون في اتصال مستمر مع شركائهم (قريبين أو عبر العالم)، ومن المرجح أن يستخدموا وسائل الإعلام الخاصة بهم أو يميلون لشراء كتاب أو اسطوانة تعليمية عبر الشبكة.
دوافع استخدام الانترنت: إن معظم الباحثين الذين درسوا دوافع استخدام الانترنت وجدوا أنها تتراوح بين أربعة إلى تسعة دوافع، وأن الخمسة الرئيسة منها تتمثل بالآتية : التسلية، وقضاء الوقت، والاسترخاء، والهروب، والحصول على المعلومات الاجتماعية، وحين أفرزت العولمة المفهوم الاجتماعي للشبكة العنكبوتية، فقد أوضحت كيف يبقى الناس على تواصل مع بعضهم بعضا محلياً وعالمياً من خلالها. وحيث أن الهدف الرئيس لمؤسسات التعليم هو الطالب، فإن عليها أن تسعى لفهم هذا الطالب واحتياجاته، وتوفير بيئة تعليمية تفرز نقاط القوة لديه، وتتعامل مع نقاط الضعف بشكل مناسب وفاعل.
العوامل المؤثرة في فاعلية عملية التعلم والتعليم: تعتبر البيئة الاسرية للمتعلم من القوى الخارجية التي تؤثر في فاعلية التعلم كما أشار إلى ذلك علماء الاجتماع (جودوين وكلوزماير)، حيث حددا سبعة عوامل رئيسة كمؤثرات في فاعلية التعليم والتعلم وهي: خصائص المعلم، والمادة الدراسية، وخصائص المتعلم، وصفات المجموعة (غرفة الصف الدراسي(، وسلوك المعلم والمتعلم، والبيئة المنزلية والأسرية، والصفات الطبيعية للمدرسة. ولا غرابة ان جميع هذه العوامل تتأثر بدرجات متفاوتة بدخول الانترنت إلى حياة الطلاب والمعلمين وتأثيرها في خصائهم وسلوكهم وتأثيرها على المادة الدراسية والبيئة.
وفي المقالة اللاحقة، سنقوم بتحديد مشكلة الدراسة وفروضها وإجراءاتها. وسنعرض نتائج الدراسة وتوصياتها.
 ---------------------


دور الانترنت في زيادة فعالية التعليم والتعلم الجامعي الفلسطيني: من وجهة نظر طلبة الجامعات المنتظمة في مدينة بيت لحم

د. جميل احمد إطميزي.
كلية فلسطين الأهلية الجامعية، بيت لحم


تأتي هذه المقالة استكمالا للمقالة السابقة، وهي تسلط الضوء على نتائج دراسة حديثة نشرت في المؤتمر الدّولي الأول لتقنيات المعلومات والاتصالات في التعليم والتدريب والذي عقد في تونس وذلك خلال الفترة من 7  إلى 10  مايو 2012. وهذه الدراسة قام بها الكاتب مع الزميل د. محمد عكة، وسوف نذكر في هذه المقالة مشكلة الدراسة وإجراءاتها، وسنعرض نتائج الدراسة.
مشكلة الدراسة: يلاحظ ان هناك ضعف كبير في استخدام الانترنت في تطوير العملية التعليمية والتعلمية من قبل الطلبة في الجامعات الفلسطينية لأسباب عديدة بينما يتم استخدامها بشكل عام للتسلية او لقضاء وقت الفراغ، لذلك جاءت هذه الدراسة للإجابة عن التساؤل الآتي: ما دور شبكة الانترنت في زيادة فعالية التعليم والتعلم الجامعي الفلسطيني من وجهة نظر طلبة الجامعات المنتظمة في مدينة بيت لحم؟
العينة والمجتمع: مجتمع الدراسة يتكون من طلبة جامعة فلسطين الأهلية والبالغ عددهم (1153)، وطلبة جامعة بيت لحم والبالغ عددهم (3000) للعام الدراسي 2011-2012، وتم استخدام الاستبيان على عينة بلغت (116) طالب من جامعة فلسطين الأهلية و (300) طالب من جامعة بيت لحم.
منهج الدراسة وأدواتها: تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي لتحليل دور الانترنت في زيادة التعليم والتعلم للطلبة في الجامعات الفلسطينية في مدينة بيت لحم لتنمية قدراتهم التعليمية الالكترونية وتحليل مدى ونوعية الاستخدام لشبكة الانترنت. واستعانت الدراسة باستبيان من (60) فقرة كأداة للحصول على البيانات، وتكون الاستبيان في الجزء الأول  من البيانات الأولية: (الجنس، الجامعة، التخصص، المعدل التراكمي، السنة الدراسية، الحالة الاجتماعية، إجادة اللغة الانجليزية، عدد الساعات التي يقضيها الطالب في استخدام الانترنت، مكان استخدام الانترنت)، والجزء الثاني: شمل على جوانب الدراسة: (جانب التطوير المعرفي للطالب الجامعي، والجانب العلمي للطالب، والجانب الاجتماعي للطالب، وجانب الشبكات الاجتماعية للطالب- الفيسبوك Facebook).
تحليل البيانات: اتساقاً مع طبيعة الظاهرة المدروسة، اعتمدت الدراسة على أسلوب التحليل الكمي، وفقاً لمقتضيات عرض المادة والتحقيق من فرضيات الدراسة، على اعتبار أن التحليل الكمي يمثل مرحلة موضوعية في وصف الحقائق.
تعليقات حول الدراسات السابقة: وقد تضمنت الدراسة عرض 6 دراسات سابقة والتي تتعامل مع بعض جوانب موضوع البحث ولا تنطبق عليه تماماً لندرة الدراسات المشابهة للبحث، ويمكن ان نجمل هذه الدراسات بالاتي:
-      هذه الدراسات قامت على طلبة الجامعات، ونسبة استخدامهم للأنترنت زادت حتى وصلت التسعينيات.
-   جميع الدراسات السابقة المذكورة اعتبرت ان الحصول على المعلومة والمعرفة والتعليم هي أول اهداف استخدام الانترنت الا في دراسة واحدة والتي وضعتها في الاخر.
-      في العموم لا يوجد فروق دالة إحصائياً بين الجنسين في مختلف مجالات الاستخدام الا في دراسة واحدة.
ملخص نتائج الدراسة
النتائج المتعلقة بالمحاور
§    محور (التطوير المعرفي للطالب الجامعي): أهم الفقرات هي أحاول الاتصال مع الجامعات الدولية عبر الانترنت يليها الفقرة أطلع على المؤتمرات المحلية والدولية والعالمية وقد كانت أقل الفقرات موافقة هي أرى أن المشاركة الطلابية بين الجامعات وتبادل المعرفة عبر الانترنت لها مؤثر ايجابي.
§    محور (الجانب العلمي للطالب): أهم الفقرات هي أشعر أن بالي مشغول بالإنترنت أثناء وجودي بالمحاضرات يليها الفقرة أشعر أن استعدادي للتحضير للمساقات تأثر سلباً بسبب طول فترة جلوسي على الانترنت وقد كانت أقل الفقرات موافقة هي استخدم الانترنت في وقت فراغي بعد الانتهاء من الامتحانات.
§    محور (الجانب الاجتماعي للطالب): أهم الفقرات هي أحاول ان اخفي الوقت الذي أمضيه أثناء جلوسي على الانترنت أمام عائلتي يليها الفقرة أشعر إني استخدم الانترنت لفترات طويلة أكثر مما كان يلزم وقد كانت أقل الفقرات موافقة هي أتجاهل متاعب الحياة اليومية مقابل الاستمتاع بتصفح بالإنترنت.
§    محور (جانب الشبكات الاجتماعية): أهم الفقرات هي أرى ان سلوكي على الفيسبوك يختلف عن سلوكي في حياتي اليومية يليها الفقرة اهتم بإضافة أصدقاء من غير الناطقين بالعربية، وأقل الفقرات موافقة هي أرى ان الفيسبوك عزز علاقاتي بزملائي الجامعة.
§    ترتيب المحاور حسب المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية: أهم المحاور هو جانب الشبكات الاجتماعية يليها الجانب الاجتماعي للطالب وأقل المحاور موافقة هي الجانب العلمي للطالب.
النتائج المتعلقة بالفرضيات: تشير النتائج عند مستوى الدلالة α = 0.05 إلى الاتي:
§    عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية لمتغير الجنس ووجود فروق في (جانب التطوير المعرفي، الجانب العلمي) لصالح الإناث ووجود فروق في الجانب الاجتماعي لصالح الإناث.
§    وجود فروق ذات دلالة إحصائية لمتغير الجامعة لصالح جامعة فلسطين الأهلية.
§    عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية لمتغير التخصص مع وجود فروق في مجال لشبكات الاجتماعية لصالح مجال العلوم.
§    وجود فروق ذات دلالة إحصائية لمتغير المعدل التراكمي حيث يوجد فروق بين مجموعة الطلبة الذين تقل علاماتهم عن 65% مع مجموعات 65%-74.9% وأيضا مع الذين تزيد معدلاتهم عن 85% لصالح مجموعات المعدلات الأعلى.
§    وجود فروق ذات دلالة إحصائية لمتغير السنة الدراسية. وكانت الفروق بين مجموعة طلاب السنة الأولى والثانية لصالح طلاب الأولى وأيضا وجود فروق بين طلاب السنة الثانية والرابعة لصالح طلاب الثانية.
§    وجود فروق ذات دلالة إحصائية لمتغير الحالة الاجتماعية. وكانت الفروق بين غير المتزوجين والمتزوجون والمطلقون لصالح المتزوجون والمطلقون.
§    وجود فروق ذات دلالة إحصائية لمتغير إجادة اللغة الانجليزية وكانت الفروق بين من يجيدون اللغة الانجليزية بشكل ضعيف مع من يجيدونها بشكل متوسط وممتاز لصالح من يجيدونها بشكل ضعيف.
§    وجود فروق ذات دلالة إحصائية لمتغير معدل الساعات التي يقضيها في استخدام الانترنت. وكانت الفروق بين من يقضون ساعة على الانترنت ومن يقضون أكثر من ساعة لصالح من يقضون ساعة على الانترنت.
§    وجود فروق ذات دلالة إحصائية لمتغير مكان استخدام الانترنت وكانت الفروق بين من يستخدمون الانترنت في الجامعة ومن يستخدمون الانترنت في البيت لصالح من يستخدمون الانترنت في الجامعة.