الخميس، 20 سبتمبر 2012

التعليم الإلكتروني والجامعات




التعليم الإلكتروني والجامعات
د. جميل احمد إطميزي.
كلية فلسطين الأهلية الجامعية، بيت لحم



مقال أكاديمي "التعليم الإلكتروني والجامعات"، نشر في ملحق صحيفة القدس الرقمي، السنة 1، 
العدد 9، ص 4، 20/9/2012م، الرابط:   www.alqudsalraqmi.ps/flipper/9
 



عرف الإنسان كثيراً من أنماط وأشكال وأساليب للتعلم والتعليم عبر التاريخ، ودائما كان يستخدم الأدوات في ذلك بدءاً من استخدام الحجارة والجلد مرورا بالورق والأقلام وحديثا بالأدوات الإلكترونية السلكية واللاسلكية.
إن أول ظهور للجامعات كمؤسسات علمية كانت في مدن العالم الإسلامي، كجامعة قرطبة التي بدأت في الأندلس سنة 796م، وقريبا من تلك الفترة جامعة الزيتونة في تونس، وجامعة القرويين في المغرب سنة 859م وكذلك جامعة الأزهر التي ظهرت سنة 979م، وقبل هذه وتلك كانت المساجد الكبيرة والجوامع عبارة عن جامعات متميزة في كل أنحاء العالم الإسلامي. في حين إن أقدم جامعات أوروبا كانت جامعة بولونا في إيطاليا عام 1088م ثم جامعة باريس في فرنسا عام 1113م ثم جامعة أكسفورد 1180م ثم جامعة كيمبرج 1209م.
وقد يكون المسلمون أول من عرف شكلا من التعلم عن بعد، فنظام الكتاتيب، وحلقات المساجد في طول بلاد الإسلام وعرضها، كانت تقدم تعليما بحيث لا يرتبط الطالب مع الطلبة الآخرين إلا في مكان الدرس، وهو من يختار المعلم والمواد التي يدرسها وقد يكون متخلفاً عنهم أو متقدماً عليهم.
أنواع برامج التعليم: اشتهرت ثلاث طرق للتعليم والتعلم خلال العقود الأخيرة، وهي:
§     تعليم تقليدي: ويتم بواسطته تعليم الطلبة وجهاً لوجه في قاعة أو مختبر، مثل طريقة التعليم في أغلب جامعات العالم العربي.
§     تعليم مفتوح: ويتم بواسطته تقديم تعليم مفتوح أو تعليم عن بعد، بحيث يكون هناك نوع من المحاضرات غير الملزمة ويوجد مشرف للمادة يمكن الوصول إليه والاجتماع به، ومثال ذلك التعليم في جامعة القدس المفتوحة.
§     تعليم إلكتروني: ويتم بواسطته تقديم تعليم باستخدام الحاسوب وعبر شبكة، وفي الغالب لا توجد فيه أية لقاءات فيزيائية ولا يوجد مبنى للطلبة، ومثال ذلك الجامعة الكندية الافتراضية وجامعة سوريا الافتراضية.
أنواع الجامعات:
يمكن تقسيم الجامعات من حيث طريقة التدريس إلى الآتي:
§     جامعات تقليدية: وهي الجامعات التي تقوم بالتعليم والتعلم عبر الحضور الفعلي للطلاب والمعلم- تعليم وجهاً لوجه- في قاعات ومختبرات، ويعتبر حضور الطالب من المتطلبات بحيث لا تسمح بالغياب إلا في حدود هامش ضيق، بحيث إذا ما تعداه، فإن الطالب يرسب في المقرر وعليه إعادته، وأغلب جامعات العالم ومنها الجامعات العربية هي من هذا النوع.
§     جامعات مفتوحة: وهي الجامعات التي تعطي تعليماً مفتوحاً أو تعليماً عن بعد، وقد سبق لنا توضيحهما، وتعتبر الجامعة البريطانية المفتوحة <www.open.ac.uk>، وتسمى (The Open University)، أول جامعة مفتوحة بالمعنى الرسمي والتي أسست عام 1969، وفي سبعينات القرن الماضي وثمانيناته قامت عدة جامعات مفتوحة في العالم، ومن أمثلة ذلك جامعة القدس المفتوحة في فلسطين <www.qou.edu> والتي باشرت عملها فعليا عام 1991م.
§     جامعات افتراضية: في هذا النوع من الجامعات، لا توجد مبانٍ حقيقية، وكل خدماتها تقدم بواسطة الإنترنت، مثل جامعة كندا الافتراضية <www.cvu-uvc.ca>، وعربيا مثل الجامعة الافتراضية السورية <www.svuonline.org>.
كما يمكن تقسيم الجامعات حسب الطراز إلى الآتي:
§     جامعات ذات الطراز الواحد: وهي أي نوع من الجامعات والتي تعطي أحد برامج التعليم السابق ذكرها، وأغلب جامعات العالم ومنها الجامعات العربية هي من هذا النوع.
§     جامعات متعددة الطرز: وهي الجامعات التي تعطي أكثر من برنامج تعليم.
فقد بدأت بعض الجامعات التقليدية استخدام برنامج التعليم المفتوح أو برنامج التعليم الافتراضي بجانب التعليم التقليدي وتسمى "الجامعة مزدوجة الطراز.
التعليم الإلكتروني الجامعي:
في الواقع إن التعليم الإلكتروني ليس مقتصراً على الجامعات أو المؤسسات التعليمية، بل يستخدم أيضا في الشركات، والمؤسسات التجارية، والمهنية وغيرها، فالشركات لا سيما الكبيرة منها، تستخدمه في تدريب موظفيها، وفي شرح كيفية استخدام منتجاتها للزبائن والوكلاء. لكننا في هذه الكتاب سنركز على التعليم الإلكتروني ذي الصلة بالتعليم الجامعي.
عموما، أغلب الجامعات العصرية تتبنى نوعاً من أدوات التعليم الإلكتروني، والدور التقليدي للجامعات سوف يتغير قطعاً، وبرامج التعليم سوف تكون أكثر انفتاحاً بحيث تتبنى برامج مفتوحة، وبرامج مدمجة، وكذلك برامج افتراضية لبعض المقررات، والتعليم الإلكتروني مستقبلا سوف يدمج في جميع أنواع الجامعات والبرامج التي تطرحها، وسيستعمل بشكل طبيعي، ولن يعود شيئاً خاصاً ومنفصلاً عن نظام التعلم والتعليم القائم، بل سيكون جزءاً طبيعياً ومتكاملاً معه، بحيث لا يعاد الإشارة له كشيء منفصل.
لقد دخل التعليم الإلكتروني الجامعات العربية حديثا وعلى استحياء، حيث استخدمته الكثير من تلك الجامعات في دعم المحاضرات التقليدية ومساندتها، في حين تم استخدامه بشكل أقل بكثير كتعليم مدمج بالتعليم التقليدي، وظهرت بعض الجامعات الجديدة التي تستخدمه كتعليم افتراضي عبر الشبكة، وما زالت هذه الجامعات تحتاج إلى المزيد من الاقتناع بفوائد استخدام تكنولوجيا التعليم وكذلك الاقتناع بالحلول الواعدة للمشاكل التي تعاني منها.
لقد أصبح التعليم الإلكتروني في الوقت الحاضر، شيئاً أساسياً، حيث إن إضافة التعليم الإلكتروني أكسب نظام التعلم أهمية استراتيجية في مجتمعنا، خصوصا في الجامعات على صعيدين:
- المؤسسة: تغيير بعض أنماط التعليم التقليدي إلى مزيد من الاستعانة بتكنولوجيا التعليم المتاحة.
- الطلبة: تسهيل عملية تعلم الطلاب (متابعة، واتصال، وتفاعل، إلخ...).
 وإننا حقا، لا نستطيع تصور جامعة مستقبلية دون تعليم إلكتروني! 
وفي المقالة اللاحقة سوف نتكلم عن التعليم الإلكتروني والجامعات العربية.