الثلاثاء، 9 أكتوبر 2012

التعليم الإلكتروني والجامعات العربية



التعليم الإلكتروني والجامعات العربية
د. جميل احمد إطميزي.
كلية فلسطين الأهلية الجامعية، بيت لحم




مقال أكاديمي "التعليم الإلكتروني والجامعات العربية"، نشر في ملحق صحيفة القدس الرقمي، السنة 1، 
العدد الخاص بأسبوع إكسبوتك )اليوم الأول) في 9/10/2012م، ص 4، الرابط:   www.alqudsalraqmi.ps/flipper/expotech_day1
 



جاءت هذه المقالة استكمالا لمقالتنا السابقة (التعليم الإلكتروني والجامعات). فالتعليم الإلكتروني يضيف للجامعات العربية ما يضيفه لأي جامعة في العالم، وهنا نورد تفصيلا لبعض الفوائد الإضافية للجامعات العربية.
التعليم الإلكتروني وحل مشاكل تلك الجامعات:
نعرض هنا بعض المشاكل الحادة التي تعاني منها الجامعات العربية، ودور التعليم الإلكتروني في تقديم الحلول لتلك المشاكل:
1- ضعف الإمكانيات المالية: الجامعات العربية بالمجمل تعاني من ضعف بالموارد المالية، فبعض منها لا يأخذ مساعدات حكومية حقيقية نظراً للوضع المالي الصعب للجهات الحكومية ذات العلاقة أو لعدم وضع أولوية للتعليم أو للفساد المستشري، وتكاد تكون أقساط الطلبة هي المورد المالي الأساسي لبعض هذه الجامعات. وعندما نعلم أن غالبية الشعب العربي فقراء، فإننا ندرك أن مسألة رفع الأقساط هي قضية صعبة لأن معظم الطلبة يعاني من الأقساط بوضعها الحالي، وجزء كبير لم يُكمل تعليمه الجامعي، لأنه لا يملك قسط الجامعة، وللتدليل على ضعف الدعم الحكومي، فقد أشارت بعض التقارير إلى أن الإنفاق الحكومي السنوي على الطالب الجامعي لا يتجاوز 800 دولار في كل من مصر والأردن وسوريا والمغرب، في حين يبلغ 22 ألف دولار في الولايات المتحدة الأمريكية.
2- قلة عدد المقاعد المتاحة: معظم الجامعات العربية تعاني من محدودية الاستيعاب، والكثير منها وصل إلى طاقته القصوى، بل إن بعضها قد اضطرت إلى الاستيعاب فوق طاقتها، وهذه المشكلة نابعة من قلة الموارد، إضافة إلى كثرة عدد الجامعات النسبية الصغيرة أو متوسطة الحجم والتي تزيد التكاليف الإدارية، وتستهلك الكثير من الأبنية، في مسائل مكررة في كل جامعة.
3- صعوبات التنقل للطلبة والمحاضرين: وهذه المشاكل ناتجة من ضعف البنية التحتية في الدول العربية، مثل عدم توفر شبكة قطارات وأنفاق ومترو ...إلخ، كما هو متوفر مثلا في دول العالم الأول، وهذا يؤثر بشكل سلبي وكبير على حركة الطلاب والمحاضرين معاً، ويزيد من الأعباء المادية كما ويضيع أوقات ثمينة.
ويبرز التعليم الإلكتروني كأحد الحلول الجزئية الواعدة لتلك المشاكل، إضافة إلى الفوائد الأخرى التي يمكن أن يضيفها لتلك الجامعات، فالتعليم الإلكتروني يمكنه:
§     تخفيف المشاكل المالية؛ لأن أحد فوائده خفض كلف التعلم والتعليم.
§     تخفيف مشكلة قلة عدد المقاعد المتاحة؛ لأن أي مقرر يطرح إلكترونيا بأسلوب التعليم المدمج يُخَفض عدد المحاضرات إلى النصف، وإذا طرح بالأسلوب الافتراضي يُخَفض عدد المحاضرات بأكثر من 75%.
§     تخفيف الآثار الناتجة عن صعوبة التنقلات عن طريق توفير جزء من المحاضرات، والمحتويات، وإمكانيات التواصل عبر الإنترنت.
كيفية دمج التعليم الإلكتروني في الجامعات العربية:
إن دمج التعليم الإلكتروني وتبنيه في أي جامعة يتطلب إعداد خطة استراتيجية تغطي عدداً من السنوات، وذلك لإنجاح عملية دمج التعليم الإلكتروني بالتعليم التقليدي، لكي لا تتخبط الجامعة وينتهي الأمر بفشل ذريع. وهنا سنقترح عدة نقاط، نرى من الأهمية دراستها وتوضيحها ضمن تلك الخطة قبل الشروع بإدخال التعليم الإلكتروني في الجامعة:
§     تحديد الرؤية، أو الهدف العام من مشروع التعليم الإلكتروني.
§     تحديد الأهداف التي ترغب الجامعة بتحقيقها من هذا المشروع.
§     دراسة إمكانيات الجامعة الحالية فيما يخص متطلبات التعليم الإلكتروني.
§     تحديد التكنولوجيا المطلوبة من حيث: نوع أو أنواع التعليم الإلكتروني الذي سيتم تبينه، وأسلوب التعليم الإلكتروني الذي سيتم اعتماده، ونوع البرمجية (شراء منصة تجارية، أو الحصول على منصة مفتوحة المصدر، أو القيام بتصميم منصة خاصة بالجامعة).
§     تحديد الأمور المتعلقة بمحتويات المقررات من حيث: مصدر المحتويات كشرائها، أو تطويرها في الجامعة. وشروط المقررات وأولويتها في التطوير، وكذلك عددها. وشروط الفريق المشرف على التأليف والتطوير. وخطوات تطوير المقررات وإجراءاتها. وتحديد طريقة تقييم المقررات.
§     تحديد المسائل المتعلقة بالإجراءات الإدارية، وإجراءات الدعم.
§     عمل ميزانية تقديرية تشمل المصاريف المباشرة وغير المباشرة، وتحديد العوائد والتخفيضات المتوقعة.
§     تحديد الخطوات اللازمة التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة.
§     وضع جدول زمني بالخطوات المطلوب عملها خلال المدة.
توصيات متعلقة بدمج التعليم الإلكتروني في الجامعات العربية:
سنقترح هنا من واقع خبرتنا توصيات حول بعض النقاط التي تفيد عملية تبني مشروع التعليم الإلكتروني في الجامعات العربية موضحين أسباب تلك التوصيات:
1. مركز تعليم إلكتروني: ننصح باستحداث وحدة إدارية يمكن تسميتها "مركز أو وحدة التعليم الإلكتروني"، تقوم بالإشراف على برنامج التعليم الإلكتروني في كل الجامعة، وعدم ترك الأمر لكل كلية، لما في ذلك من توفير الجهد، وتوحيد الإجراءات، وحسن الأداء، وتخفيض المصاريف.
2. أسلوب التعليم الإلكتروني: نرى أن الجامعات العربية أكثر احتياجاً للأسلوب اللامتزامن، لأسباب منها: جداول مواعيد الطلبة مختلفة، والتكنولوجيا المطلوبة للأسلوب المتزامن باهظة، وغير متوفرة في أغلب الجامعات العربية، وارتفاع تكلفة المقررات التي تعتمد الأسلوب المتزامن، كما ان أغلب الطلبة لا يمتلكون اتصال سريعة إلى الإنترنت، بسبب ضعف البنية التحتية، بل إن نسبة مستعملي الإنترنت اقل من 19% من سكان الدول العربية حسب تقرير (internetworldstats) في مايو 2011م. رغم أنه يمكن استخدام بعض أدوات الأسلوب المتزامن الضرورية، وغير المكلفة إلى جانب الأسلوب اللامتزامن ومنها: الدردشة، والرسائل الفورية، وأسماء المتصلين الآن.
3. نوع التعليم الإلكتروني: من واقع أبحاثنا ودراساتنا وخبراتنا فأننا يمكن أن ننصح بالآتي:
§     استخدام التعليم الإلكتروني المباشر (التعليم الافتراضي) في المقررات ذات الطابع العلاجي، أو التكميلي، ومنها: مدخل إلى اللغة الإنجليزية أو اللغة العربية، أو الرياضيات، أو ثقافة إنسانية ...إلخ. وفي المقررات التي لا يحتاج فيها الطالب إلى المحاضر بشكل ضروري، وفي المقررات التي يسجل فيها كثير من الطلبة، لا سيما المتطلبات الجامعية، والمقررات الحرة. ورغم ذلك، فأننا من المفضل للجامعات العربية التي تعتمد اللقاءات التقليدية، أن توفر لقاءات وجها لوجه ما بين 20%-25% من عدد ساعات المقرر. وإعطاء الامتحانات في مباني الجامعة.
§     استخدام التعليم الإلكتروني المدمج: الذي يمزج التعليم الإلكتروني مع التعليم التقليدي، في المقررات التي لا يحتاج فيها الطالب المحاضر بشكل دائم، والمقررات التي لا تحتاج إلى المختبرات بشكل مكثف. وهذا النوع يمكن أن يُخفض عدد المحاضرات التقليدية بمعدل 50%.
§     استخدام التعليم الإلكتروني المساند لبقية المقررات: بحيث تبقى المحاضرات التقليدية على وضعها المعهود، وقد يُخفض عددها بما لا يزيد عن 24% من محاضرات المقرر.
4. البرمجيات مفتوحة المصدر: نوصي بتبني منصة تعليم إلكتروني مفتوحة المصدر، للأسباب الآتية: البرمجيات المفتوحة المصدر متوفرة دائما، وتكاد تكون مجانية، وترخيص تلك البرمجيات يسمح بالاضطلاع على ترميزها البرمجي، وبالتالي يمكن تعديله حسب خصوصية الجامعة، دون أي تكاليف إضافية تدفع للشركة المصنعة، والمنصات المفتوحة لا تشترط عدد الطلبة المشتركين بالمنصة في حين أن رُخص البرمجيات التجارية غالبا ما تكون محددة بعدد مقاعد معينة، بحيث تضطر الجامعة لدفع تكاليف إضافية جديدة مع زيادة أعداد الطلبة. كما أن البرمجيات المفتوحة المصدر أصبحت تنافس بل تتفوق على الأنواع التجارية المملوكة، حيث يشترك آلاف المبرمجين والمطورين عبر العالم في تطويرها، ومشاركة الآخرين في تبادلها مجاناً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق