السبت، 19 يونيو 2010

كيف يمكن أن يستفيد العرب من التعليم الإلكتروني

07 - رجب - 1431 هـ| 19 - يونيو - 2010

د. جميل اطميزي: كيف يمكن أن يستفيد العرب من التعليم الإلكتروني

د. جميل اطميزي: كيف يمكن أن يستفيد العرب من التعليم الإلكتروني
التعليم الالكتروني

 
مقابلة مع موقع "لها أون لاين"، عن طريق الصحفية "ميرفت عوف"، بخصوص التعليم الإلكتروني، 
نشرت بعنوان "كيف يمكن أن يستفيد العرب من التعليم الإلكتروني"، 
في تاريخ 19/6/2010م، الرابط: www.lahaonline.com/articles/view/36135.htm
 
عقبات وعثرات وقفت أمام د. جميل اطميزي من مدينة الخليل بالضفة الغربية أثناء تقديمه أطروحة الماجستير الخاصة بنظم التعليم الإلكتروني، لكنها لم تمنعه أبداً من المواصلة في الإبحار بهذا العلم؛ لسبر أغواره وإبداع دراسات وأبحاث تبين مزاياه وقدراته على الارتقاء بعقلية الإنسان وتفكيره.
ندرة المصادر العربية بل وانعدامها كانت أهم تلك العقبات؛ وهو ما دفعه إلى تركيز اهتمامه بعد الحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه إلى التركيز في جميع أبحاثه على مجال التعليم الإلكتروني، حيث نشر ما يقارب من 20 بحثاً عبر المجلات المحكمة والمؤتمرات الدولية والكتب وكان آخرها كتاب "نظم التعليم الإلكتروني وأدواته".

" لها أون لاين " تستضيف هذا الباحث ونحاول التعرف منه على أهمية التعليم الإلكتروني وإمكانية دمجه في الجامعات الفلسطينية وفوائده للطالب الجامعي، تابع معنا.

- بداية لماذا فضلت التخصص في دراسة وبحث نظم التعليم الإلكتروني، وما مدي أهمية هذا العلم في الوقت الحاضر؟
الحقيقة كنت أبحث خلال عام 2002 عن موضوع مميز لأتقدم به لأطروحة الماجستير في ذات التخصص الذي أنهيت فيه دراسة الدبلوم والبكالوريوس "تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسوب"، فتراءت إليّ فكرة التعليم الإلكتروني، كنت على يقين أنه سيغير نمط التعليم في العالم، فعكفت على دراسته، وعندها واجهتني المشكلة في المراجع والمصادر، فجميعها باللغة الإنجليزية!عزمت على استكمال الدراسة، ومن ثمَّ المواصلة في عمل الأبحاث والكتب التي تعرض التعليم الإلكتروني باللغة العربية ونجحت بفضل من الله إنجاز 20 بحثاً في مجال التعليم الإلكتروني منشورة في مجلات علمية محكمة ومؤتمرات دولية وكتب.

أما عن أهمية هذا العلم في الوقت الحاضر فتكمن في أنه يقدم أدوات ووسائل رائعة لإثراء العملية التعليمية متلائمة ومتوافقة مع ثورة الحاسوب والإنترنت، بحيث يستطيع الطالب اختصار الوقت والجهد في الحصول على المعرفة، كما ويخفض تكلفة التعلم والتعليم للطالب وللجامعة، فلم يعد مقبولاً الاستمرار في أساليب تدريس القرن الماضي، بالإضافة إلى أن وسائل التعليم الإلكتروني تتضمن قدرات لا تتوفر بالوسائل التقليدية، ومنها: المحاكاة والوسائط المتعددة، ووسائل التواصل والتفاعل، فمقطع فيديو من 5 دقائق عن الحرم المكي ومكوناته يغني عن شرح المحاضر لطلابه عدة محاضرات، وكذلك مقطع فلاش ثلاثي الأبعاد عن حركة كواكب المجموعة الشمسية.

- حدثنا قليلاً عن كتابك "نظم التعليم الإلكتروني وأدواته"، ما الشيء الجديد فيه الذي يضاف إلى ما كتب في التعليم الإلكتروني؟
كتب التعليم الإلكتروني عموماً قليلة، والمكتبة العربية تعاني عموماً من شُح الكتب المتخصصة في التعليم الإلكتروني، لا سيما ما يتعلق بنظمه وأدواته وبرمجياته، كما أن كثيراً من المهتمين في التعليم الإلكتروني يشكون قلة الكتب والأدلة والوثائق الخاصة به باللغة العربية، خصوصاً وأن بعض الجامعات العربية أخذت في تدريس بعض المقررات ذات العلاقة بالتعليم الإلكتروني، مثل مقرر: "مدخل إلى التعليم الإلكتروني"، أو مقرر: "تكنولوجيا التعليم".
والكتاب يقدم للقارئ العربي مصدراً يزيد من الكتب المتخصصة في المكتبة العربية، ويصلُح أن يكون كتاباً لأي مقرر ذي علاقة بالتعليم الإلكتروني، ويسد - ولو جزئياً - حاجة بعض المهتمين بهذا الشأن، حيث يركز الكتاب على التعليم الإلكتروني المطبق في الجامعات والمؤسسات التعليمية أكثر من غيرها من البيئات، وقد تميز الكتاب بحداثة موضوعه، لا سيما أن أغلب الكتب العربية الخاصة بالتعليم الإلكتروني لم تركز على الأدوات والنظم، والكتاب موجه لجميع المهتمين بالتعليم الإلكتروني من مصممين، ومعلمين، وطلاب.
وقد سبق لي إصدار كتاب سابق تحت عنوان: "نظام إدارة التعليم المرن لدعم التعلم في الجامعات التقليدية والمفتوحة" عن جامعة غرناطة باللغة الأسبانية عام 2005، وقد نشرت كتاباً آخر تحت عنوان: "دليــل استعمال نظام إدارة التعليم مفتوح المصدر مودل للمدرسين والطلاب" عام 2006، وهو الكتاب العربي الأول حول الموضوع، وهو مجاني ومنتشر على الإنترنت، وقد اعتمدته جامعات عربية كثيرة.

- هل يعي الدارس العربي حقيقة التعليم الإلكتروني؟
الواقع أن كثيرا من الأكاديميين طلاباً ومحاضرين، يفهمون التعليم الإلكتروني أنه تعليم افتراضي عبر الحاسوب وشبكة الانترنت، وهذا غير صحيح، فالتعليم الإلكتروني من حيث درجة استخدام الجزء الإلكتروني، يقسم إلى ثلاثة أقسام.

 الأول: تعليم إلكتروني مساند يُستخدم لمساندة عملية التعليم التقليدية (وجهاً لوجه) ودعمها، باستخدام تقنيات وأدوات الويب الإلكترونية في عملية توفير بعض المحتويات، وإمكانيات الاتصال، وهذا النوع قد لا يؤثر على سير عمل المحاضرات التقليدية، وقد يُخَفض عددها بما لا يزيد على 24%.
 بينما القسم الثاني تعليم إلكتروني مدمج بحيث يدمج التعليم الإلكتروني المباشر مع التعليم التقليدي، ومن خلاله يمكن الوصول لجزء أساسي من المحتويات عبر الويب، ويؤدي إلى خَفض عدد المحاضرات التقليدية بين 25% إلى75%، ويقوم القسم الثالث التعليم الإلكتروني المباشر أو ما يعرف بالتعليم الافتراضي، ويتم دون أي اتصال فيزيائي بين الطالب والمحاضر حيث لا توجد قاعات دراسية، ويتلقى الطالب تعليمه بالكامل عبر الشبكة، ورغم ذلك، فإن بعض الجامعات يمكنها أن توفر لقاءات تقليدية مثل: تقديم الامتحانات، ولكن هذه اللقاءات لا تزيد عن 25% من عدد المحاضرات.

وهذا لا يعني أن التعليم الافتراضي هو أمر منقوص، وليس كل التعليم مقصود منه الحصول على الدرجة الجامعية، فكثير من الدارسين يهمه الحصول على الخبرة والمعلومة، فيمكن للدارس الالتحاق بدورات نافعة جداً عبر هذا النوع كدراسة مساق للغة الانجليزية مثلاً.

- في ظل ثورة المعلومات التي نعيشها، ما حاجة الطالب الفلسطيني لمواكبة تلك التطورات في العلوم والتكنولوجيا؟
في عصر المعلومات، فإن حاجة الطالب الفلسطيني لمواكبة التطورات هي الأساس، كحاجة أي طالب عربي وغير عربي، والتطور التقني الحاصل في تقنيات الويب وخدماته تفتح للجامعات وللمحاضرين وللطلاب فرصاً متعددة واعدة؛ لكي تُستغل للرفع من كفاءة العملية التعليمية، فلم يعد المحتوى التعليمي هو من تأليف المحاضر والمتخصصين، ولم يعد الطالب هو المتلقي، بل أصبح الطالب هو محور العملية التعليمية بلا منازع، وغدا الطالب يؤلف المحتوى التعليمي وينشره ويتشارك مع أقرأنه ويسمع ردودهم ومقترحاتهم، ويبني المحتوى ويعدل الموجود منه ويخصه حسب احتياجاته المعرفية والتي تختلف من متعلم لآخر، كل ذلك بفضل الثورة في تقنيات الويب المحسوبة على الجيل الثاني والذي وفر أدوات متنوعة، وغالباً مجانية على شبكة الإنترنت، والمحتوى التعليمي المتوفر بكثرة على شبكة الإنترنت، سواء من إنتاج الأفراد أو حتى المؤسسات، تعكس سمة من سمات متعلمي هذا العصر، وهي سمة القوة المعرفية الناتجة من وفرة المعلومات وتنوعها، وعلى المتعلم أن يخطط ويبني ويخصص المحتوى الموجود حسب احتياجاته المعرفية والتي تختلف من متعلم لآخر.

إن المتعلم تتغير طباعه وميوله التعليمية باستمرار، وما كان مطبقا قبل عقد من الزمن، أصبح غير ملائم اليوم، وهذه التغيرات الحاصلة في التركيبة النفسية والمعرفية لمتعلمي اليوم توجب على التربويين وصناع القرار في أي مؤسسة تعليمية أن يبادروا إلى تبني إستراتيجيات تعليمية وأدوات تعليمية تتناسب وهذا الجيل. ولدينا من تراثنا قول منسوب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول فيه: علموا أولادكم غير ما علمتم؛ فأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم.

وتكمن خصوصية الطالب الفلسطيني في أنه يعاني أوضاعاً صعبة ناتجة بالأساس عن الاحتلال اليهودي لفلسطين، كصعوبة التنقل ما بين المدن، وصعوبة السفر للخارج، وفقدان كثير من المحاضرات نتيجة المنع والحصار والحواجز، لذلك نجد أن التعليم الإلكتروني يساهم ولو جزئياً في حل بعض هذه الإشكالات.

- كيف يمكن دمج التعليم الإلكتروني في الجامعات الفلسطينية، وما الوسائل لإنجاح هذا النوع من التعليم غير التقليدي؟
إن دمج التعليم الإلكتروني وتبنيه في أي جامعة، يتطلب إعداد خطة إستراتيجية تغطي عدداً من السنوات، وذلك لإنجاح عملية دمج التعليم الإلكتروني بالتعليم التقليدي، ولكي لا تتخبط الجامعة وينتهي الأمر بفشل ذريع، عليها تحديد الرؤية، أو الهدف العام من مشروع التعليم الإلكتروني، وتحديد الأهداف التي ترغب الجامعة بتحقيقها من هذا المشروع، ومن ثم دراسة إمكانياتها الحالية فيما يخص متطلبات التعليم الإلكتروني، ولا سيما أيضاً تحديد التكنولوجيا المطلوبة من حيث أنواع التعليم الإلكتروني الذي سيتم تبينه، وأسلوب التعليم الإلكتروني الذي سيتم اعتماده، ونوع البرمجية سواء (شراء منصة تجارية، أو الحصول على منصة مفتوحة المصدر، أو القيام بتصميم منصة خاصة بالجامعة)، وكذلك عليها أيضاً ضمن إعداد الإستراتيجية تحديد الأمور المتعلقة بمحتويات المقررات من حيث مصدر المحتويات كشرائها، أو تطويرها في الجامعة، وشروط المقررات وأولويتها في التطوير، وكذلك عددها، بالإضافة إلى شروط الفريق المشرف على التأليف والتطوير، وخطوات تطوير المقررات وإجراءاتها، وأخيراً عليها تحديد طريقة تقييم المقررات من خلال تحديد المسائل المتعلقة بالإجراءات الإدارية، وإجراءات الدعم، وعمل ميزانية تقديرية تشمل المصاريف المباشرة، وغير المباشرة، إضافة إلى تحديد العوائد، والتخفيضات المتوقعة، وتحديد الخطوات اللازمة التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة، وأخيراً وضع جدول زمني بالخطوات المطلوب عملها خلال المدة.

- من واقع تجربتك ما شروط ومتطلبات إنجاح هذا النوع من التعليم؟
لا شك أن نجاح هذا النوع من التعليم غير التقليدي يحتاج إلى متطلبات وشروط ضرورية، أهمها: خطط واضحة تبين كيفية دمج التعليم الإلكتروني، ومراحله، وميزانياته، متطلبات تقنية، مثل: بنية تحتية تكنولوجية، وسعة نطاق عالية، وخادم قوي، وبرمجيات خاصة مثل: برمجيات إدارة التعليم، وأيضاً متطلبات تنظيمية وإدارية، مثل: أبنية حديثة، وأنظمة وإدارة عصرية ومتطلبات بشرية، من كادر مؤهل يشمل خبراء بالتقنية، وخبراء بالتربية، كما يتطلب تدريب خاص للمحاضرين وللطلبة المشمولين بالنظام.

- ماذا عن الفوائد التي يجنيها الطالب من التعليم الإلكتروني؟
لعل من أهم الفوائد التي يجنيها الطالب من التعليم الإلكتروني مقارنة بأسلوب التعليم التقليدي المرونة والملائمة عبر سهولة وسرعة الوصول إليه في أي وقت ومكان، كما أنه يمثل تغذية راجعة فورية عند استخدام واجبات وامتحانات وتمارين مباشرة على الإنترنت، كما أنه يسمح للدارس أن يدرس بحسب قدرته، سواء ببطء أو بسرعة، ويقدم أساليب تعليمية متنوعة تمنع الملل، كما أنه أيضاً يوفر الوقت فيتمكن الطالب عبر التعليم الإلكتروني تنظيم الوقت بحيث يجدول دروسه بحسب عمله وعائلته، ويفيد التعليم الإلكتروني في خفض تكلفة السفر والتنقل والمعيشة، أما على صعيد الاتصالات والتفاعل فهو يتيح تواصل مباشر بين الطلبة والمحاضر عبر دروس على الإنترنت، ويكون التفاعل أفضل منه في الصفوف المكتظة.

- ما العقبات والطموحات المأمولة في هذا التخصص في مجتمعنا العربي؟
يعاني التعليم الإلكتروني من بعض المحددات والمعوقات، فهو يحتاج إلى بنية تحتية تكنولوجية قد لا تتوفر في بعض الأماكن، كما أن سعة النطاق المحدودة للإنترنت قد تعيق عملية التعليم لا سيما في التحميل والتعامل مع الوسائط المتعددة، ناهيك عن التكلفة العالية في بداية اعتماد التعليم الإلكتروني، من حيث التجهيزات والأدوات التي يحتاجها، أيضاً قد يشعر بعض الطلبة بالضياع أو الإرباك بشأن الأنشطة التعليمية وأحياناً أخرى قد يشعر البعض الآخر بالعزلة عن أقرانه وأستاذه في التعليم الإلكتروني الافتراضي، وأيضاً من أهم المعوقات عدم تكافؤ الفرص بين الطلبة الأغنياء والفقراء من ناحية قدرتهم على امتلاك أجهزة حديثة واتصال سريع.
أما بخصوص الطموحات المأمولة في التعليم الإلكتروني في الجامعات العربية، فإن التعليم الإلكتروني يضيف للجامعات العربية ما يضيفه لأي جامعة في العالم ويبرز كأحد الحلول الجزئية الواعدة لمشاكل التعليم والمتعلقة بضعف الإمكانات المالية، وقلة عدد المقاعد المتاحة في الجامعات وصعوبة التنقل للمحاضرين والطلبة.